تأثير الحضارة الإسلامية في النهضة الأوروبية؟
- خصائص الحضارة الإسلامية.
- أشكال تأثير الحضارة الإسلامية في النهضة الأوروبية.
- مراكز انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا
أولاً : خصائص الحضارة الإسلامية :
تميزت الحضارة العربية الإسلامية بخصائص ميزتها عن غيرها من الحضارات، ومن أهم هذه الخصائص، نذكر ما يلي :
١ - إنها حضارة عربية المنطلق خرجت من قلب الدين : فهي حضارة موحدة ذات جهود متعددة، ومرجعها الإيمان.
٢- إنها حضارة اتسمت بالشمول والتنوع، فهي لا تنحصر في ميزة محددة فقط بل تعكس رؤية الإسلام الشاملة للكون والحياة والإنسان، وهي أخلاقية وفكرية ومادية وعلمية في آن واحد .
٣- إنها حضارة متعددة الروافد ومتجددة الحيوية : فهي تنتقل بمناراتها ومراكزها وروادها من مكان إلى آخر، ولا تنهيها الصدمات في مواقع محددة، ولا تبيدها الهجمات مهما تعددت مصادرها .
٤ - إنها حضارة موجهة للبشرية كلها : فقد أسهمت فيها جميع الاقوام الإسلامية، وإن كان العرب هم مادتها الأولى، دافعت عنها وقدمت لها الرواد في مختلف الميادين. وقد كان لهذه الخصائص دور في تمكينها من التأثير في قيام النهضة الأوروبية .
٥ - إنها حضارة عالمية وإنسانية المبادئ تتجلى عالمية وإنسانية الحضارة العربية الإسلامية من خلال المبادئ التي قامت على أساسها وأثرت بها في النهضة الأوروبية وسبقت بها الحضارة الأوروبية الحديثة، ومن هذه المبادئ نذكر ما يلي :
أ - الدعوة إلى الأخوة الإنسانية ووحدة الأصل البشري .
ب - الاعتراف بالديانات السماوية الأخرى وإرجاعها إلى أصل واحد .
ج - التأكيد على أن الحساب عن العقيدة والاعتقاد موكول إلى الله؛ سبحانه وتعالى يوم القيامة.
د - اعتبار الاختلاف بين الناس سنة من سنن الله في الكون . هـ - عدم الإكراه في الدين وإطلاق حرية الاعتقاد بعد تبليغ الرسالة الإسلامية.
و - تثبيت قواعد العدل والإنصاف في التعامل مع كافة المخالفين من بني البشر.
ز - الدفاع عن كرامة الإنسان أينما كان، بصرف النظر عن دينه أو عرقه أو موقفه الفكري . وقد كان لهذه المبادئ العالمية والإنسانية دورها في التأثير على النهضة الأوروبية والتمهيد للحضارة الأوروبية الحديثة .
ثانياً : اشكال تأثير الحضارة الإسلامية في قيام النهضة الأوروبية :
وقد اتخذ تأثير الحضارة العربية في الجوانب المختلفة للنهضة الأوروبية
الأشكال التالية :
١ - ابتعاث طلاب أوروبا للدراسة في الجامعات والمدارس وبيوت المحكمة الإسلامية والتتلمذ على أيدي العلماء المسلمين.
٢- استقدام العلماء المسلمين إلى أوروبا سواء لتأسيس الجامعات والمدارس الأوروبية على غرار النمط الإسلامي وخصوصاً النمط الأندلسي فيها أو للتدريس في الجامعات والمدارس.
٣- التحاق علماء وطلاب أوروبا بالجامعات والمدارس الإسلامية بهدف تعلم اللغة العربية كوسيلة لترجمة العلوم والمعارف الإسلامية .
٤- ترجمة العلوم والمعارف الإسلامية إلى اللغة اللاتينية واللغات الأوروبية المختلفة وتدريسها في جامعات ومدارس أوروبا .
٥- التبادل التجاري بين المسلمين والأوروبيين.
٦- التبادل السياسي والدبلوماسي بين ممثلي الدول الأوروبية وممثلي العواصم الإسلامية.
٧- احتكاك الأوروبيين بالشرق الإسلامي أثناء الحروب الصليبية التي دامت قرنين من الزمان، وبالحضارة الإسلامية في الأندلس التي دامت ثمانية قرون .
٨- استلهام الشعراء والأدباء والفنانين والمعماريين الأوروبيين المشعر والأدب والموسيقى والعمارة العربية .
٩- استيعاب وتوظيف الأوروبيين للمخترعات والابداعات في العلوم والصناعات الإسلامية التي ازدهرت آنذاك، كالكيمياء وعلم البصريات والحساب الجديد وحساب المثلثات الجديد والهندسة التحليلية والجبر والصيدلة وطب العيون والطريقة التجريبية العلمية وعلم فلسفة التاريخ والاجتماع وعلم الجغرافيا والفلك والملاحة ومخترعاتها ( كالبوصلة والاسطرلاب والساعة والخرائط ) واستخدامها في الكشوف الجغرافية الأوربية، ومن الصناعات صناعة الورق وصناعة البارود ومختلف الفنون والصنائع والبضائع التي أضافها العرب إلى حياة الأوروبيين في ذلك العصر .
ثالثاً : مراكز انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا :
أنتقلت تأثيرات الحضارة الإسلامية إلى أوروبا وأثرت في نهضتها ومهدت الحضارتها عبر المعابر والمراكز الحضارية التالية :
۱ - مدن وجامعات الأندلس : كانت جامعات ومدارس قرطبة وغرناطة وإشبيلية وطليطلة مراكز حضارية يفد إليها الأوروبيون من طلاب العلم للتعلم، والعلماء للحوار، والمترجمون للترجمة.
٢ - جزر البحر الأبيض المتوسط : شكلت جزيرة صقلية وجزيرة سردينيا مراكز عبور للحضارة الإسلامية إلى إيطاليا وأوروبا نظراً لتقدمهما في العلوم والفنون، وغناهما الناتج عن التبادل التجاري مع المدن العربية الإسلامية المطلة على البحر المتوسط ، فقد أصبحت هي الأخرى محطات يفد إليها طلاب العلم والعلماء وتجار السلع من أوروبا، وكذلك فعلت مدن إيطاليا وشرق أوروبا في الفترات الزمنية اللاحقة.
٣- المدن العربية الإسلامية في شمال افريقيا : قامت المدن العربية في شمال أفريقيا مثل فاس والقيروان والفسطاط والقاهرة بأدوارها في التبادل التجاري والثقافي مع مدن جنوب إيطاليا وبعض المدن الأوروبية، وشكلت هي الأخرى مراكز إشعاع حضاري إسلامي انتقلت تأثيراتها إلى مختلف جوانب الحياة الأوروبية.
٤- المدن العربية في الشام وبلاد الرافدين : أثرت مدن الشام وبلاد الرافدين مثل القدس ودمشق وبغداد تأثيرات هامة في انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا، إما عبر التبادل التجاري بين التجار الأوروبيين والتجار العرب وإما عبر الوفود والسفارات بين دول أوروبا وعواصم الخلافات والدول الإسلامية المتعاقبة، وإما عبر الحجاج المسيحيين إلى بيت المقدس، أو عبر اتصال ثقافي بين علماء ومترجمين أوروبيين وعلماء العرب المسلمين .